ونذهب الى الجملة المركزية في هذا المقال سريعًا، فنقول ان هذا الرصيف يخفي وراءه الكثير، و ما أخفي من مقاصده وأهدافه أكثر مما قيل حتى الآن، فهو بالتأكيد ليس من أجل إيصال المساعدات لمواطني قطاع غزة، لأن الخبراء يقولون ويؤكدون ان الممرات البرية افضل من البحرية بكثير. أكثر من ذلك، فان هذا الرصيف سيقلل ان لم يهمش المعابر البرية، كما انه سيضعف أو يقلل من أهمية ميناء غزة المدمر والفقير، هذا ان لم ينهِ دوره بالضرورة.
ان رصيفًا من هذا النوع يطرح اسئلة ليست بريئة على الاطلاق، فهو يُبنى بإرادة وأموال وأهداف لم يستشر فيها أي فلسطيني، و فكرة الميناء تحيلنا الى الفكرة العبقرية التي تفتق عنها ذهن وزير الخارجية الاسرائيلي الحالي (كاتس) الذي اقترح ميناء وجزيرة صناعية، كمنافذ يمكن التحكم بها تمامًا بديلاً عن كل المعابر البرية وغيرها المحيطة بقطاع غزة.
ان الميناء الذي يتم العمل فيه الآن ليس للمساعدات، وإن كان يتم تجميله وتبريره منذ الآن بانه لفتة انسانية كبيرة لقطاع غزة المحاصر والمستهدف بالموت والجوع والخوف في كل لحظة.
اذن، ما الذي يدفع الولايات المتحدة بكل جبروتها ودعمها الأعمى والمطلق لاسرائيل في كل اجراءاتها مهما بدت غريبة ومناقضة لكل عرف وقانون - ما الذي يدفعها الى التورط في الرمال الغزاوية واستثمار الوقت والجهد والسمعة في بناء ما يشبه القاعدة العسكرية على شواطىء شرق المتوسط؟
ألا يشكل ذلك عودة للوجود العسكري الامريكي في المنطقة مع ما يجر ذلك من مخاطر امنية و استراتيجية؟
ألا يعني ذلك ان الولايات المتحدة ستكون شريكة في ترتيبات اليوم التالي لقطاع غزة - أي ان الولايات المتحدة لن تكتفي بدور الراعي أو المشرف أو الوسيط، بل هي ومن خلال هذا الميناء أو القاعدة، إنما تبرهن على انها شريك في الحرب ونتائجها وانها تصمم المستقبل وليس الحاضر فقط؟
ألا يعني ان الولايات المتحدة بهذا الميناء تقوم فعليًا بحماية اسرائيل عسكريًا وأمنيًا بعد ان كشف ما جرى في السابع من اكتوبر الثقوب والعيوب الكبيرة التي تعاني منها اسرائيل؟
ألا يعني ذلك ان سبعة اشهر من الحرب على قطاع غزة اثبتت ان اسرائيل بحاجة الى الغرب الاستعماري لحمايتها، وانها لا تستطيع حماية مصالح الغرب ولا حماية سكانها ايضاً؟
هل يعني ان هذا الميناء جاء لتوازنات اقليمية ودولية، بمعنى الحفاظ على ممرات مائية موجودة او قد تكون في المستقبل، أو ان هذا الميناء جاء لقطع الطريق على ممرات تجارية أخرى قد تكون منافسة أو مهددة لمصالح الغرب؟
وهل هذا الميناء سيكون بمثابة البوابة الكبيرة والمقبولة للهجرة الطوعية والناعمة وطويلة المدى والهادئة والتي لا تلفت اليها احدًا؟
وهل سيكون هذا الميناء جزءً من نظام أكبر وأوسع لكسر أية مقاطعة تجارية أو انه سيكون رأس جسر بحري في أية مواجهة اقليمية؟
والاخطر من كل هذا، هل من الممكن ان يشكل هذا الميناء عاملاً اجباريًا أو مساعدًا لظهور كيانية فلسطينية - بحجة الواقعية أو انقاذ ما يمكن انقاذه - بادارة فلسطينية أو عربية او دولية مقبولة و متفهمة للواقع و الوقائع؟.
الميناء العائم، الذي يبنى بقرار أمريكي ومساعدة اسرائيلية وصمت متعدد المستويات يثير التساؤلات حقًا، ويدفع المراقب الى طرح السؤال البديهي: أين نحن من هذا الميناء؟
2024/08/30 09:44
2024/08/10 19:15
2024/07/23 15:01
2024/07/19 17:20
2024/07/19 16:34