"هل يعقل أن تسلب الدولة مواطنة من ولد في وطنه؟" هذه هي إحدى القضايا العديدة التي تمّ طرحها في الجولة الرسمية الأولى التي قامت بها لجنة مكانة المرأة والمساواة الجندرية والتي اختارت النائبة توما-سليمان، رئيسة اللجنة، أن تكون في النقب. حيث شارك في هذه الجولة عضو لجنة مكانة المرأة، النائب نحمان شاي (المعسكر الصهيوني) حيث تعهّدت النائبة عايدة توما-سليمان خلال الجولة بمعالجة هذه القضية إضافة إلى العديد من القضايا الحارقة الأخرى التي تم عرضها في اللقاءات المختلفة مع نساء ناشطات في النقب ورؤساء مجالس محلية هناك.
في الجلسة التي عُقدت في بلدية رهط مع رئيس البلدية السيد طلال القريناوي، وبمشاركة أعضاء بلديات ومجالس من النقب، رؤساء أقسام الشؤون الاجتماعية، مستشارات لتطوير مكانة المرأة في السلطات المحلية وعاملات وعمال اجتماعيين، حيث طُرح في هذه الجلسة قضايا عديدة منها انهيار مكاتب الشؤون الاجتماعية تحت ضغط علاج مئات الملفات الخاصة بالمواطنين والمواطنات في النقب، عدم تخصيص ميزانيات لوظيفة مستشارة لقضايا المرأة، النقص في الخدمات الاجتماعية للفتيات في ضائقة وللنساء المُعنّفات.
قضايا عينية أخرى طُرحت في الجلسة كانت حول قضايا الأحوال الشخصية في المحاكم الشرعية وتدني مُخصّصات الأطفال التي تقررها المحاكم الشرعية للنساء في حالات الطلاق، كما وطُرحت قضية تعدّد الزوجات في المجتمع البدوي في النقب، والنساء الفلسطينيات غير المواطنات والفاقدات لأي مكانة قانونية في البلاد وما يترتب عنها من مخصصات وحقوق.
قضية هامّة أخرى طٌرحت في هذه الجلسة كانت حول الشكاوى القانونية التي يتقدّم بها مستشفى سوروكا ضد النساء اللاتي يلدنّ في المستشفى وذلك بعد رفض مؤسسة التأمين الوطني دفع المستحقات للنساء. وقالت توما-سليمان ردًا على هذه القضية "أن على مؤسسة التأمين الوطني يقع واجب دفع المستحقات دون أي اعتبار لهوية الأب وإن كان يحمل الجنسية الإسرائيلية أم لم يحملها" وأضافت توما-سليمان أنها مكتبها سوية مع لجنة مكانة المرأة سيتابعان هذه القضية أمام الجهات الرسمية وأمام التأمين الوطني.
مشاريع تنموية وإصرار على التقدّم
في الحديث عن قضايا النساء العربيات في النقب، وخاصّة تشغيل النساء، والنقص في أماكن العمل القريبة من أماكن السكن، المواصلات العامة وتشغيل النساء من خلال شركات المقاولة والاستغلال الذي تتعرّض له العاملات في هذه الشركات، قالت النائبة توما-سليمان أنه "تبيّن لنا خلال الجولة ما كنا نعرفه من قبل، أن المرأة العربية في النقب معنيّة بالانخراط بسوق العمل، والمساهمة في إعالة العائلة. وعلى عكس الآراء السائدة، فإن معظم العائلات تشجّع انخراط النساء في سوق العمل، لكن النقص الشديد في أماكن العمل والحضانات وأطر الرعاية اليومية هو ما يحول دون ذلك"، وأضافت أن: "سلطة التطوير الاقتصادي هي الجسم المخوّل بمتابعة هذه القضية بالأساس، وإني على اتصال مع وزيرة المساواة الجندرية جيلا جمليئل بهدف العمل على إزالة هذه العقبات أمام المرأة العربية في النقب". وفي ما يخصّ أطر الرعاية اليومية فقد أشارت رئيسة اللجنة توما-سليمان إلى قيامها بمتابعة الموضوع مع وزير الاقتصاد آرييه درعي الذي شارك في جلسة خصصتها لجنة مكانة المرأة لموضوع أطر الرعاية اليومية ووعد بتخصيص %20 من الميزانية المُعدّة لمجمل أطر الرعاية اليومية في البلاد - للمجتمع العربي، الإضافة إلى تخصيص ملكة ومديرية خاصتين في وزارته لمرافقة السلطات المحلية العربية للتغلب على العقبات البيروقراطية والشروع في بناء أطر الرعاية اليومية."
وكانت اللجنة قد قامت بزيارة مشروعين أساسيين لجمعية "سدرة" الناشطة في القرى غير المعترف بها في النقب، الأول هو مشروع النسيج الذي يقوم بتوفير أماكن عمل لـ75 امرأة ومشروع "سدّات البادية" التنموي والذي يقوم ضمنه النساء بمشاريع زراعية في حواكير صغيرة في القرى مسلوبة الاعتراف لزراعة الخضراوات والفواكه للاستهلاك الأسري. يساهم هذا المشروع بتشغيل النساء والأطفال، كما ويوفّر دخل يمكنه المساهمة في إعالة العائلات.
عضو الكنيست نحمان شاي، عضو لجنة مكانة المرأة قال خلال الجولة أن القصص الحياتية التي سمعتها خلال الجولة "زادت من قلقي ووفرت لي مصدر إلهام، فمن جهة إنّي قلق بسبب الإهمال المتراكم والمتواصل من قبل الدولة منذ عشرات السنين، ومن جهة أخرى يلهمني جيل النساء المثقّف هذا بإصراره الكبير على تحقيق التغيير للأفضل، وأنا أعلن عن استعدادي لدعمهنّ بكل الوسائل المتاحة أمامي".
شاركت في اللقاء أيضًا، المحامية إنصاف أبو شارب، من مركز الدعم القانوني "إيتاخ-معك" والتي تحدّثت عن الصعوبات التي تواجه النساء في مراكز الشرطة، حيث لا توجد شرطيات يمكنهن أخذ الشكاوى باللغة العربية، بالإضافة إلى خدمات الترجمة الركيكة التي يتم توفيرها للنساء اللاتي لا تتحدثنّ العربية في المحاكم لشؤون الأسرة، وشدّدت على أهمية الترجمة الدقيقة تحديدًا في قضايا العنف ضد النساء التي تدار في المحاكم.
أم الحيران – خوف مزمن وانعدام الأمان
كما وشملت الجولة زيارة ميدانية لقرية "أم الحيران" غير المعترف بها والمهددة بالهدم وترحيل أهاليها، حيث يمتنع الأهالي من تطوير وتحسين بيوتهم خوفًا من أوامر الهدم التي تهدد مستقبلهم ومستقبل القرية. في لقاء مع النساء في القرية تمّ طرح القضايا التي يعانين منها مثل النقص في مراكز الصحة ورعاية الطفل والمدارس التي تقع جميعها على مسافات بعيدة جدًا بشكل لا يتلاءم ونوعية الخدمة التي يتوجب عليها تقديمها للمواطنين والظروف التي تعاني منها المواصلات التي تقل الأطفال والطلاب إلى الأطر التعليمية في قرية حورة التي تبعد كيلومترات عن "أم الحيران"، حيث عبّرت النساء عن قلقهن الدائم من طريقة إنزال الأطفال على مسافة بعيدة من بيوتهم ليسيروا كيلومترات عديدة للوصول إلى بيوتهم في شوارع غير معبّدة.
"الحل لهذه الظروف غير الإنسانية هو أولاً بالاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف بالنقب" هذا ما قالته توما-سليمان في الجولة وأضافت، "من السهل طرح الاضطهاد الذي يمارسه الرجال ضد النساء، ولكن الوجه الآخر لهذا الاضطهاد هو الاضطهاد الذي تمارسه الدولة وأذرعها ضد النساء والذي يقع على عاتقنا كشف مدى ممارسته بشكل يومي". عفاف كينان، معلمة من أم الحيران قالت خلال الجلسة: "دائمًا يطالبوننا بالتطوّر وتحقيق الانجازات، نحن أيضًا نرغب في ذلك، لكننا نطلب أن يتم مدّ العون لنا لنستطيع تحقيق التطور والانجاز على الصعيد الشخصي والعام."
كذلك شاركت النساء مخاوفهن الدائمة وعدم الشعور بالأمان من مستقبلهم ومستقبل بيوتهم، انعدام البنى التحتية، الكهرباء والماء، والنقص الشديد في أطر الرعاية اليومية للأطفال. وقالت توما-سليمان أن "المسؤولية التي أعود بها من هذه الجولة أكبر أضعاف المرات من المسؤولية الكبيرة التي أتيت بها إلى هنا"، كما ووعدت توما-سليمان أن تحمل صوت وهمّ النساء في كل المنابر وتحديدًا ضمن برنامج عمل اللجنة لتطوير مكانة المرأة برئاستها.
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48