عندما كنت في الصف الخامس، طفلا في سن الحادية عشرة، قبل عيد الأم جهزنا، زملائي وأنا، وكنا موهوبين، في حينه، من ناحية الأداء المسرحي، عرضا مسرحيا خاصا جميلا ومعبرا بهذه المناسبة الغالية على القلوب.
انخرطت مع زملائي وأديت دوري في التدريبات والمراجعات حتى أحسن كلّ منا دوره في العرض. واستمرت التدريبات بكثافة حتى أصبح العرض جاهزا للتقديم.
في يوم العرض كنا نحن،جميع الاطفال،وطاقم المعلمات منفعلين. فبعد قليل سوف تأتي الأمهات من أجل مشاهدة هذه الهدية الخاصة والمميزة في عيدهن.
وخلال العرض كانت الأمهات والمعلمات قد تجمعن. واحاطت الأمهات بخشبة المسرح المتواضعة. وبدأ العرض. وقام كلّ منا بدوره. وأنا أيضا قمت بدوري في العرض المسرحي الخاص وأديته بأفضل شكل ممكن. كانت أمي قد توفيت قبل هذا الموعد بأشهر. وكانت كل نساء الحارة في مكانة والدتي. قلوب الناس مع بعضها البعض. وكنت أرى أن كلّ نساء الحي حنونات وطيبات. وكانت كلّ منهن تتعامل معي بحنان عظيم ورفق كبير. حتى شعرت أن الله أخذ مني أما واحدة لكنه منحني بدلا منها الكثير الكثير من الأمهات الطيبات الحنونات.
وفجأة...
عندما انتهى العرض ركض كلّ واحد من زملائي إلى حضن أمه. سارع كلّ منهم إليها يحضنها ويعانقها. وراحت كلّ واحدة من الأمهات الجميلات تداعب خصلات شعر ابنها وتضمه إلى حضنها لتعطيه الشعور بالفخر. لتقول له كم أنت رائع يا حبيبي.
وبقيت أنا وحدي هناك وسط المسرح. لم أجد أمي التي أركض إليها. حاولت أن أتأمل أصدقائي وهم يعانقون أمهاتهم. حاولت أن أبتسم. حاولت. لكني لم أستطع. ولم أعد أرى شيئًا. كانت الدموع تملأ عينيّ ولم أعد أرى شيئًا. عندها فقط فهمت أن أمي لن تأتي كباقي الأمهات.
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48