يسابق اليمين الحاكم في إسرائيل الزمن لتغيير الواقع القانوني والتاريخي القائم في الأرض الفلسطينية المحتلة عامةً والمناطق المصنفة ج بشكلٍ خاص، في محاولة لتعميق السيطرة الإسرائيلية عليها عبر تنفيذ مخطط إستيطاني ضخم وبوتيرة متسارعة جرى المصادقة عليه منذ سنوات، ويتضمن شق وبناء المزيد من الطرق الإستيطانية الإلتفافية الضخمة في شمال وجنوب الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى تطوير طريق 60 وتوسيعه بشكل أساس عند المدخل الجنوبي للقدس، وبناء آلاف الوحدات الإستيطانية الجديدة لتسمين المستوطنات القائمة وإضافة أحياء إستيطانية ضخمة، والعمل على ربط التجمعات الإستيطانية بعضها ببعض وتحويلها إلى تجمع إستيطاني واحد مرتبط بالعمق الإسرائيلي.
يترافق ذلك مع تصعيد إسرائيلي ملحوظ في سياسة هدم المنازل وتخريب المنشآت الفلسطينية وتدمير إقتصاديات المواطنين الفلسطينيين في المناطق ج، بما يؤدي إلى توجيه رسالة للعالم بأن إسرائيل هي من يُحدد مستقبل تلك المناطق، وهي التي ترسم مستقبل الوجود الفلسطيني فيها من جانبٍ واحد.
يتضح من القائمة التي نشرتها معاريف بشأن مخطط لبناء 2430 وحدة إستيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية أنها تُمثل خارطة طريق لشرعنة المستوطنات المعزولة والبؤر العشوائية وتوسيعها في طول وعرض الضفة الغربية المحتلة ومحيط القدس الشرقية المحتلة والأغوار بشكلٍ خاص، بما يسهل ربط تلك البؤر بالتجمعات الإستيطانية القائمة وفك عزلتها إن جاز التعبير، وهو ما سيؤدي إلى تهويد الأغوار وطرد المواطنين الفلسطينيين منها وتهجيرهم بالقوة، ومحو الخط الأخضر بشكل نهائي وتهويد قلب الضفة الغربية المحتلة.
هذا ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين في زياراتهم الميدانية الإستفزازية لعدد من المستوطنات، وما يتفاخرون به علناً بشأن جهودهم لزيادة أعداد المستوطنين اليهود في الأرض الفلسطينية المحتلة لتصل إلى مليون مستوطن وأكثر.
إن الوزارة إذ تُدين بأشد العبارات التغول الإستيطاني على حساب أرض دولة فلسطين، فإنها تعتبر أن الدعم الأمريكي غير المحدود للإستيطان والتبني الأمريكي لمخططات اليمين الإسرائيلي الإستعمارية التوسعية يُشكل مظلة لتبييض الإستيطان وحمايته والدفاع عنه في المحافل الدولية، ليس هذا فحسب، بل تحاول إدارة ترامب وفريقها المُتصهين فرض الإستيطان وتدعو إلى التسليم به تحت شعار " الواقعية والواقع على الأرض "، كحقائق غير قابلة للتفاوض، مما دفع إدارة ترامب لتصميم مواقفها تجاه حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمصالح الإحتلال الإستيطانية.
إن عدم تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالاستيطان خاصة القرار 2334، وعدم محاسبة سلطات الاحتلال على جرائمها يُشجع اليمين الحاكم في اسرائيل أيضا على التمادي في تنفيذ مخططاته التوسعية في المناطق المصنفة "ج".
أمام كل هذه الحقائق وهذا الخطر، لا زال المجتمع الدولي يرتجف ويرتعد من فكرة انتقاد سياسة اسرائيل الاستعمارية، ويستكثر علينا بأغلب الأحيان بياناً ضعيفاً وشكلياً لا يعدو كونه "رفع عتب" لا أكثر. وعليه، المطلوب الآن من المحكمة الجنائية الدولية تسريع وانهاء دراستها الأولية حول الحالة في فلسطين المحتلة التي بدأتها قبل أكثر من 4 سنوات، لتشرع في تحقيق رسمي في ما ترتكبه اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وأرضه، والتي ترتقي الى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
عندها فقط يمكن لهذا العالم أن يستيقظ.
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48