هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم ست عشرة بناية تضم اكثر من 100 شقة سكنية في واد الحمص في قرية صور باهر بالقدس المحتلة، وهجرت قرابة 600 مقدسي في سابقة خطيرة لم يسبق لها مثيل منذ عام 1967، وقال شهود عيان مقدسيون بأن المئات من جنود الاحتلال ترافقهم جرافات كبيرة اقتحموا واد الحمص داخل جدار الفصل العنصري، وأغلقوا المنطقة بشكل محكم ومنعوا المواطنين والصحفيين من وصولها، وأجبروا القاطنين على إخلاء المباني بالقوة بعد رفضهم مغادرة منازلهم، دون أن يتمكنوا من إخراج أي شيء من احتياجاتهم الشخصية، وتعرضوا للضرب من قبل الجنود.
وحملت الرئاسة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية كاملة عن هذا التصعيد الخطير ضد شعبنا الفلسطيني الاعزل، واعتبرته جزءا من مخطط تنفيذ ما يسمى "صفقة القرن" الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، وأكدت ان الرئيس محمود عباس يجري اتصالات مع مختلف الاطراف ذات العلاقة لوقف هذه المجزرة الاسرائيلية، ودعت الرئاسة المجتمع الدولي الى التدخل الفوري لوقف هذا العدوان بحق شعبنا وارضه ومقدساته، كما حيّت صمود الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده خاصة في عاصمته القدس الابدية، الذي يتشبث بأرضه في وجه القمع والظلم والاستبداد الاسرائيلي وقالت: إن دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ستقوم عاجلا ام آجلا، وهو طريق السلام الوحيد، وعلى الآخرين ان يتحملوا مسؤولياته، كما أكد الرئيس "محمود عباس" مرارا وتكرارا أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل اذا بقيت اسرائيل مصرة على عدم الالتزام بها، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال.
من جهة أخرى طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية والمدعية العامة بفتح تحقيق بهذه الجرائم وقال: "لدينا استيداع لدى هذه المحكمة، والمعالجة الوحيدة هي فتح تحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين"، وأوضح أنه آن الأوان للدول العربية أن تدرك بأن ما يحدث من مخطط هو تطبيق لـ"صفقة القرن" التي أعلنت عن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وفتحت الأنفاق أسفل المسجد الأقصى المبارك، وأشار إلى أن الازدهار الاقتصادي الذي أُعلن عنه في ورشة المنامة ينفذ عبر هدم 100 شقة سكنية للفلسطينيين، متسائلا: أهذا هو الازدهار؟ وأضاف قائلا: كل من يحاول التطبيع مع هذه الدولة التي ترتكب جرائم حرب عليه أن يفهم هذا المغزى، وعلى الدول العربية احترام مبادرة السلام العربية والتمسك بها من الألف إلى الياء.
وأشار إلى أن أعمال الهدم وما يرافقها تهدف إلى إيجاد منطقة عازلة لفصل القدس عن بيت لحم وعدم تواصلها مع الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الفلسطينيين هربوا من داخل مدينة القدس وضواحيها وجاءوا لمنطقة واد الحمص التي هي أصلا وحسب اتفاقية أوسلو منطقة مصنفة “أ” وتحت السيادة الفلسطينية، وفي ظل عدم السماح لهم بالبناء من قبل الاحتلال، حصلوا على تراخيص من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية، وأكد أن ما يجري هو انتهاك لكل المعايير الدولية والاتفاقيات الموقعة بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال خلال الجلسة الرابعة عشرة لمجلس الوزراء في مدينة رام الله التي عقدت صباح اليوم الاثنين، أن عمليات هدم المباني السكينة في واد الحمص انتهاكا للقانون الدولي والانساني، وأضاف: معظم هذه المباني التي هدمت والمهددة بالهدم تقع ضمن المناطق المصنفة "أ" و "ب"، والاحتلال بهذا ألغى تصنيفات المناطق، ومن جانبنا أيضا لن نتعامل مع هذه التقسيمات الاسرائيلية لمناطقنا الفلسطينية، بعد أن فرض واقعا مخالفا للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بشكل احادي، وتابع: الرئيس محمود عباس أصدر تعليماته لوزير الخارجية رياض المالكي بإضافة هذا الاعتداء الاجرامي إلى ملف محكمة الجنائية الدولية الذي كنا قد تقدمنا به في الماضي، وبهذه المناسبة نستنكر تصريحات مسؤولي الادارة الاميركية الأخيرة والخطيرة، التي تنكر واقع وظلم الاحتلال الواقع على شعبنا ومن ينكر الاحتلال ويبرر له هو شريك لهذا الاحتلال، واشار إلى أن من يرى أن الأراضي الفلسطينية ليست محتلة بل متنازع عليها وأن الاستيطان شرعي هو انسان ضميره مغيب عن رؤية بشاعة الاحتلال العسكري وسرقة الأراضي والمصادر الطبيعية وانتهاك حقوق الإنسان والاقصاءات والعنصرية التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية. هذه التصريحات الاستفزازية وما سبقها تعكس دعم الادارة الأميركية الحالية بشكل كامل لحكومة اسرائيل اليمينية، وسياستها الاستيطانية، وانتهاكات للاتفاقيات والقانون الدولي.
من جانبه، أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف، أن عمليات هدم منازل المواطنين في المناطق المصنفة "أ" تنسف اتفاق أوسلو، وقال: سيعقد لقاء تشارك فيه وزارات العدل والخارجية والمغتربين والقدس والمؤسسات ذات العلاقة، لتحديد الوضع القانوني والإجراءات الفلسطينية التي ستتخذ ردا على عمليات الهدم، مؤكدا ان العمل جار على اعداد ملف لمحكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل، لوقف هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.
الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، قال إن هدم إسرائيل 100 شقة سكنية في منطقة خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية هو اعتداء على اتفاقيتي أوسلو وجنيف، ومؤشر خطير يستدعي تدخلا دوليا لوقف هذا القرار، واعتبر ان عمليات الهدم تطهير عرقي يستهدف تهجير مئات العائلات الفلسطينية، وفرض أمر واقع جديد على الأرض واستكمالا لفصل القدس عن محيطها، وأكد ان الحكومة ستعمل في اتجاهين الاول على المستوى الدبلوماسي والاتصال بالجهات الدولية لوقف هذا التصعيد الخطير والتدخل لحماية المدنيين وإلزام إسرائيل بالاتفاقيات الدولية، والاتجاه الثاني تعزيز صمود المواطنين في مواجهة المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية، وأنها أيضا ستتوجه إلى كافة الجهات القانونية والقضائية والحقوقية للضغط على إسرائيل لوقف مجزرة الهدم والزامها بالاتفاقيات الدولية.
حي وادي الحمص يعتبر امتدادا لبلدة صور باهر الواقعة جنوب القدس وتبلغ مساحة أراضيه نحو ثلاثة آلاف دونم، وقد حرم جيش الاحتلال السكان فيه من البناء على نصف المساحة تقريبا، بحجة قرب الأراضي من الجدار العازل الذي يفصل الحي عن عدة قرى تتبع محافظة بيت لحم.
حي وادي الحمص يقع خارج حدود بلدية القدس وتصنف غالبية أراضيه ضمن مناطق "أ" التابعة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع بكثير من المقدسيين لشراء أراض في الحي لعدم قدرتهم على الشراء والبناء في المناطق الواقعة داخل حدود البلدية بسبب الأسعار الخيالية للأراضي واستصدار تراخيص البناء، وقد حصلوا جميعهم على رخصة البناء من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية، وعندما رسمت سلطات الاحتلال مسار الجدار في تلك المنطقة عام 2003 وقعت بعض المنازل خارجه فاضطر الأهالي لتقديم التماس ضد المسار الذي يمر وسط قرية صور باهر، ووقع الحي في الجانب الإسرائيلي من الجدار لكنه بقي خارج نفوذ بلدية الاحتلال.
يقطن في واد الحمص نحو 6,000 نسمة، وأراضيه معزولة بالفعل عن بقية أراضي الضفة الغربية، ورغم أن السلطة الوطنية الفلسطينية لا تملك القدرة على الوصول إلى المنطقتين (أ) و(ب) في صور باهر أو تقديم الخدمات فيهما، إلا أنها لا تزال تصدر رخص البناء فيهما، حسب التفويض الذي مُنح لها وفقًا لاتفاقيات أوسلو، وبسبب الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون في القدس الشرقية في الحصول على رخص بناء من بلدية الاحتلال في القدس، وجراء الأسعار المرتفعة للشقق، توجه الكثير من المقدسيين إلى تملك أراض في حي واد الحمص وبناء عمارات سكنية، بعد أن حصلوا على رخص بناء من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية.
وبحسب مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فقد هدمت السلطة القائمة بالاحتلال إسرائيل منذ عام 2009، 69 مبنًى في صور باهر، أو أجبرت أصحابها على هدمها، بحجة افتقارها إلى رخص البناء، وإن 46 مبنًى منها مأهولة أو قيد الإنشاء، وأسفر هدمها عن تهجير 30 أسرة، وهُجِّر نحو 400 شخص أو لحقت بهم أضرار أخرى بفعل عمليات الهدم، وكان نصف هؤلاء من الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عامًا، وكانت المباني تقع في عمومها ضمن حدود القدس الشرقية، عام 2011 أصدرت سلطات الاحتلال أمرًا عسكريًا يحدد منطقة عازلة يتراوح مداها من 100 إلى 300 متر على كِلا جانبي الجدار في صور باهر ويفرض حظرًا على أعمال البناء فيها، حيث أن الجدار يبلغ ارتفاعه 8 أمتار ويحيط بمعظم أنحاء القدس الشرقية ويتألّف من أسيجة ونظام مراقبة إلكتروني وطريق للدوريات، وليس جدارا إسمنتيا،
وفي يوم 11 حزيران/يونيو 2019، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية استئنافًا كان أهالي صور باهر قد رفعوه عام 2017، لإلغاء الأمر العسكري الذي يحظر أعمال البناء في المنطقة العازلة، و/أو الإحجام عن هدم منازلهم، في يوم 18 حزيران/يونيو، أخطرت سلطات الاحتلال بهدم 16 مبنى ومنحت الأهالي مهلة تصل إلى 30 يومًا انقضت في يوم 18 تموز/يوليو، ووفقا لتقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد هدمت سلطات الاحتلال خلال العام الماضي، 471 منشأة فلسطينية، وأخطرت بهدم 546 منشأة من ضمنها 50 مدرسة، وتركزت غالبية عمليات الهدم والاخطار بالهدم في محافظة القدس.
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48