أخبارنا

في النقاش مع المترددين، وحتى لا يتحوّل مسعى "التأثير" الى "بوميرانغ"؛ "ميرتس" ليست بديل العرب | رمزي حكيم


لماذا نذهب الى الكنيست؟

القرار بالذهاب الى الكنيست يعني، بالمحصلة، ان نكون جزءًا من "اللعبة" البرلمانية والسياسية في البلاد، من حيث المسعى للتأثير لصالح قضايانا وحقوقنا القومية والمدنية ولصالح قضايا السلام والمساواة والديمقراطية.

 

 اعرف ان الطريق وعرة، ليست سهلة، فيها مطبات وصعوبات واشواك كثيرة. وفيها قناعات من الصعب تعديلها او تبديلها. واعرف ان خطابنا مركّب، وهو ناتج عن واقعنا المركّب وعن خصوصية الفلسطيني في الداخل. لكن..، نعرف أيضًا اننا لا نذهب الى الكنيست لاحياء المشروع القومي او لاقامة الخلافة الاسلامية او لتثبيت شيوعية الدولة. نحن نذهب الى كنيست اسرائيل. نذهب الى هناك في محاولة للمساهمة في تغيير قواعد "اللعبة" ومحاولة التأثير.


اعادة صياغة تعريفنا لحدود الحركة والتحرُّك

الكلام عن التأثير، لوحده، غير كاف. واذا تكرر، دون اختيار أدوات وآليات تترجمه لواقع مرئي ومحسوس، فانه سيتحوّل، مع الوقت، الى "بوميرانغ". فأن تكون قوة كبيرة تمتلك مقومات التأثير ومساحة الضغط والمناورة، هذه حالة تستدعي اعادة صياغة تعريفنا لحدود مساحتنا في "الحركة والتحرُّك"، باتجاه توسيع هذه المساحة، والاستفادة من الفرصة السانحة داخل الكنيست للتأثير والمناورة والضغط، فرصة قد تكون – ولماذا لا..؟! – على شكل "لوبي" برلماني لتحصيل حقوق، "لوبي برلماني" يضعنا في مركز الفعل المبادر وفي مركز ممارسة الضغط المقنع والممكن (وكل شيء نسبي في ظروفنا).


نحن جزء من هذه "اللعبة"

نعم؛ بمجرد ذهابنا الى الكنيست، نحن نقول، ضمنيًا، اننا جزء من هذه «اللعبة»، وبالتالي علينا ان لا نكون على هامشها. وهذا مرهون باسقاط اليمين وحكومته، وبالتصويت للقائمة المشتركة لتكون "القوة الثالثة"، وبالأدوات والوسائل المتاحة في الكنيست وفي لجانها التي تؤثر على حياتنا، وما يترتب على ذلك من حالة جديدة على مستوى قدرتنا على التأثير، قوة ليست في المعارضة المقصية والمهمشة، بالمعنى العام، انما "معارضة" مركبة، ترأس لجان وتؤثر في قرارات لجان من خلال العضوية فيها، وتشكل "الجسم المؤثر" في كل الأحوال، وفي وضعية معينة "الجسم المانع" (مع حكومة برئاسة هرتسوغ)، نبادر ونسعى اليه نحن، دون اية تاتأة، يكون بمقدوره ان يؤثر في "اللعبة" وان يناور ضمن مساحة واسعة، تتيحها له، هذه المرة، قوته العددية، والخارطة الحزبية البرلمانية التي تتنبأ بها كافة استطلاعات الرأي لهذه الانتخابات.

 

هذا مرهون بعدم تضييع الفرصة وتضييع الاصوات وبعدم التصويت لأي حزب صهيوني، بما في ذلك "ميرتس". لا اقول ذلك انطلاقًا من "التقوقع". لا، أبدًا. فانا اعرف ان مهمتنا الأولى، كعرب وقوى يهودية تقدمية وديمقراطية، هي التأثير على المجتمع الصهيوني اليهودي لاحداث شرخ فيه، مما يستوجب مخاطبته ومحاورته ومحاولة التأثير عليه. وقناعاتي تقول ان أي تغيير لن يكون ممكنًا اذا ما لم يحدث هذا الشرخ في اوساط داخل المجتمع الصهيوني باتجاه التغيير الايجابي.

 

"ميرتس" ليست بديل العرب

اعرف ان "ميرتس" هي خطوة متقدمة، وبرنامج متقدم، متقدم جدا، على يسار الخارطة الحزبية الصهيونية في اسرائيل، وهي خارطة، بالمجمل، لا يمكن التعامل معها ككتلة واحدة دون رؤية التناقضات فيها، وإن لم ترقَ هذه التناقضات الى ما نريد. واعرف واعترف ان مواقف ميرتس تختلف عن كل مواقف الاحزاب الصهيونية وتقترب من مواقفنا في الكثير الكثير من القضايا. لذلك أعرف، استنادًا الى استطلاعات رأي، ان هناك، من بين المصوتين العرب، من يتردد ويميل الى التصويت الى "ميرتس" وحتى الى هرتسوغ ضمن الاعتقاد بان هذا الامر سيقوّي من احتمالات اسقاط اليمين، وبالتالي تغيير الحكومة.

 

للوهلة الأولى، هناك "منطق" في هذا الطرح. لكن، بعد ان نتعمق اكثر، علينا ان نسأل: من قال ان اصواتنا احتياط لميرتس وهيرتسوغ؟ ومن قال ان التصويت للقائمة المشتركة لا يعني ايضا المساهمة في اسقاط اليمين؟ اليمين نفسه يقول انه اذا ارتفعت نسبة التصويت للقائمة المشتركة فانه سيخسر الحكم. وهو يقول ذلك أيضًا بغرض التعبئة وانزال أكبر عدد من مصوتي اليمين الى صناديق الاقتراع. لذلك على ميرتس وهيرتسوغ التعبئة هناك، بين اصوات اليهود، والاقناع هناك بضرورة اسقاط اليمين، كما نحن نقوم هنا، بالتعبئة بين العرب، لانزال اكبر عدد ممكن من المصوتين والتصويت للقائمة المشتركة.

مطالب العرب ستطرحها المشتركة وليس أي حزب صهيوني

لنتخيل هذا السيناريو: بعد الانتخابات، اذا سقط اليمين، وهناك احتمال كبير لسقوطه، أو بالأصح لعدم ضمان كتلة يمينية لتشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو، ستدخل ميرتس الى ائتلاف حكومي مع هرتسوغ. وبعد الانتخابات، اذا سقط اليمين، ستكون حكومة هرتسوغ بحاجة الى "المشتركة" كجسم مانع، لتضمن استقرارها.

 

الفارق ليس بسيطا: "ميرتس" لن تشترط دخول الحكومة بتحصيل مطالب للعرب. وبطبيعة الحال فان أي حزب صهيوني لن يشترط ذلك. سيدخلون الائتلاف الحكومي ضمن الخطوط العريضة للحكومة، وهي خطوط تأخذ بعين الاعتبار كل تركيبة الائتلاف، بكل تناقضاته وبرامج احزابه المشاركة.

 

"ميرتس" لن تحمل لائحة بمطالب العرب. ولا شاس. ولا لبيد. ولا كحلون. هذا ليس في أولوياتهم. وهذا طبيعي! وحزب هرتسوغ لن يبادر الى "قانون المساواة"، مثلاً، كشرط لقبول احزاب في ائتلافه. الهمّ الاساسي لهرتسوغ سيكون اقامة حكومة برئاسته.

قوة المشتركة في السعي الى جسم مؤثر

هنا تكمن قوة المشتركة. القائمة المشتركة ستطرح اولوياتها. وستطرح لائحة مطالبها. ولا تقولوا لي: "هذا كلام في الهواء" وان "الجسم المؤثر لن يكون" او ان "الجسم المانع (في ظرف معين) لن يكون". "الجسم المؤثر" سيكون في كل الاحوال، وفي أي سيناريو محتمل، وهو نتاج كبر الكتلة البرلمانية، وهو ما لا يمكن تجاهله. والجسم المانع سيكون. وهذا ما تتنبأ به استطلاعات الرأي الاخيرة. فمن يقوم بتحليلها يعرف ان أية حكومة قادمة لهرتسوغ ستحتاج الى الجسم المانع لضمان استقرارها، حتى ولو حصلت على تأييد حزبي كحلون ولبيد. واصلاً على المشتركة ان تسعى لأن تكون "جسمًا مانعًا"، بشروطها، كانعكاس لمسعاها لأن تكون في مركز الفعل والتأثير، وهو ما بثته المشتركة في المرحلة الأخيرة من الانتخابات بتبنيها شعار "هذه فرصتنا".

هذا هو الفارق، وبطبيعة الحال ليس هو الوحيد!. وهذه هي فرصتنا، وبطبيعة الحال ليست الوحيدة، ولا تتصل فقط بهذا السيناريو المحتمل. ففي أي سيناريو آخر، وفي كل سيناريو، باستطاعة القائمة المشتركة ان تسجل نقاطًا لصالح جمهور مصوتيها وقضاياهم.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

مؤتمر المبادرة الاجتماعية الثالث: التمكين...

2024/11/05 16:34

بيان: اعتداء وحشي على الزعيم الوطني مروان...

2024/10/27 21:33

شروط الجيش لوقف الحرب مع حزب الله

2024/10/14 13:58

طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران؛ "الفجوات...

2024/10/11 10:05

مقتل 3 جنود في تفجير عبوة ناسفة شمال القطاع

2024/10/10 20:48