القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأن المسيحيين في المشرق العربي ليسوا من مخلفات حملات الفرنجة الصليبية او غيرها من الحملات ، فهم ليسوا مستوردين من اي مكان في العالم فهم مرتبطون ارتباطا وثيقا بتاريخ هذا المشرق وجذورهم عميقة فيه ، فهم ينتمون الى أمتهم العربية والى مشرقهم العربي ولن يتنازلوا عن هذا الانتماء وعن هذه الهوية المسيحية العربية المشرقية .
إن المسيحيين في ديار العرب ليسوا اقليات في اوطانهم وليسوا غرباء او عابري سبيل وهم دوما كانوا يعملون من أجل خير بلدانهم وتقدمها ورقيها وانعتاقها من الاستعمار ، وفي فلسطين كانوا دوما ومازالوا يناضلون من اجل حرية شعبهم وانهاء الاحتلال وتحقيق امنيات وتطلعات الشعب الفلسطيني .
ان من يقرأ تاريخ منطقتنا العربية يدرك ان المسيحيين العرب كان لهم دور اساسي ومهم في الحياة الثقافية والفكرية والابداعية والاجتماعية والوطنية ، وإن ما يحدث اليوم مع المسيحيين من استهداف واضطهاد لن يجعلهم الا اكثر ثباتا وصمودا وتمسكا بانتمائهم المسيحي المشرقي العربي ، ورفضهم للطائفية والعنصرية والبغضاء والعنف والارهاب .
وقال سيادته بأن الاستعمار ومن يتعاونون ويتواطئون معه يريدون تقسيم مجتمعاتنا العربية الى طوائف ومذاهب متناحرة فيما بينها ، انه سايس بيكو جديد يهدف الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزء ، إنهم يريدون تدمير ثقافتنا وتراثنا وهويتنا من خلال تقسيم منطقتنا وبلداننا ونحن مدركون خطورة هذه المؤامرة التي استهداف المسيحيين هو جزء منها ، وكما نلحظ ان هنالك استهدافا ليس فقط للمسيحيين وانما لكافة مكونات امتنا العربية .
ان اولئك الذين يقتلون ويذبحون ويدمرون يستغلون الدين لأغراض لا دينية ولأغراض غير حضارية وغير انسانية ، وهؤلاء يشكلون خطرا على هذه الامة لأنهم يسعون لتدميرها من الداخل ، ولذلك وجب علينا ان نتصدى لهم بالفكر الانساني والخطاب الديني المتسامح الرافض للعنصرية والكراهية والعنف .
ان العلاقة المسيحية الاسلامية في مشرقنا العربي كانت متميزة بفعل الاخاء الديني والترابط الانساني والتعاون المشترك ، واليوم هذه العلاقة يراد تخريبها وتدميرها خدمة لأعداء الامة ويراد تغريب المسيحيين عن اوطانهم خدمة للقوى الاستعمارية في العالم التي تريد تصفية القضية الفلسطينية وتدمير كل ما هو انساني وحضاري في منطقتنا العربية .
إن إفراغ منطقتنا العربية من المسيحيين هي خسارة ليس فقط للمسيحيين وانما للمسلمين ، وان اختفاء عنصر اساسي من مكونات مشرقنا وامتنا انما هي خسارة فادحة وطمس لهذا التنوع الديني والحضاري في بلادنا.
علينا ان نتصدى لهذه المؤامرة بالوعي وهنالك ضرورة ملحة لإعادة النظر في بعض المناهج المدرسية وهنالك حاجة ملحة اخرى لإقامة مبادرات اسلامية ومسيحية مشتركة على مستوى الوطن العربي والعالم بأسره ، نحن بحاجة الى انتفاضة ثقافية تعليمية لاعادة الامور الى نصابها الصحيح .
ان اولئك الذين يقتلون المسيحيين ويدمرون كنائسهم هم ذاتهم الذين يقتلون من المسلمين ويعتدون على دور العبادة ، إنه خطر محدق بنا جميعا وعلينا ان نتصدى له بالوعي والحكمة والمسؤولية .
وكل هذا يحدث والقدس تبتلع يوما بعد يوم وتمارس بحقها وبحق انسانها ومقدساتها أبشع السياسات العنصرية الاحتلالية .
ان الاستعمار الجديد يريدنا ان نتلهى وان نكون مشغولين بالصراعات الدينية والمذهبية لكي لا نفكر بقضيتنا الاولى التي هي قضية فلسطين وقلبها القدس ، ويريد الاعداء ان يتحول الصراع الى صراع ديني طائفي ومذهبي لكي لا يلتفت العرب الى فلسطين المغتصبة التي يراد ابتلاعها بالكامل ويراد الاستيلاء على مقدساتها وتهويد وجهها العربي .
ان المسيحيين العرب المشرقيين لن يستسلموا لاي خطاب طائفي مقيت ولن يقبلوا بجرهم الى صراعات دينية طائفية ، وبالطبع لهم الحق أن يدافعوا عن ايمانهم وعن انتمائهم الروحي ، ولكن بعيدا عن الطائفية الكراهية والعنف ، وستبقى فلسطين قضيتنا الاولى وهي مهد مسيحنا وقيامة مخلصنا ، ولن نتنازل عن انتماءنا الديني وعن هويتنا العربية الفلسطينية .
واختتم سيادته كلمته قائلا بأنني أدعو المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية في مشرقنا العربي الى أخذ زمام المبادرة والعمل على افشال هذه المخططات التي لا تهدف فقط الى افراغ منطقتنا من المسيحيين وانما ايضا الى تدمير هذا التنوع وهذا الوجه الانساني الحضاري في امتنا ومنطقتنا .
وقد جاءت كلمات سيادة المطران هذه قبل قليل في مقابلة مع اذاعة الشارقة .
2024/11/05 16:34
2024/10/27 21:33
2024/10/14 13:58
2024/10/11 10:05
2024/10/10 20:48