توقعات اكثر قتامة للفترة المقبلة: ارتفاع الانفاق الحكومي واتساع العجز المالي وسط خفض بنك اسرائيل توقعات النمو الإقتصادي
يعاني اقتصاد إسرائيل من خسائر متواصلة جراء الحرب المتواصلة على قطاع غزة، والتي أدت إلى زيادة الإنفاق العام وتراجع التصنيف الائتماني ومعاناة الشركات وتضرر القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وهذه أبرز الخسائر على صعيد الاقتصاد الكلي والجزئي:
العجز المالي
اتسع العجز المالي في إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 السابقة عليه، وهو ما يساوي 146 مليار شيكل (39.77 مليار دولار)، وذلك ارتفاعا من 7.2% في أيار/مايو، وفق ما أفاد به المحاسب العام لوزارة المالية. وبذلك، يزيد العجز 1% عن المستهدف البالغ 6.6% الذي حددته الحكومة لنهاية السنة الحالية.
وخلال تموز/يوليو الماضي وحده بلغ العجز المالي 14.6 مليار شيكل (4 مليارات دولار) مقارنة بـ6.4 مليارات شيكل (1.74 مليار دولار) في حزيران/يونيو 2023.
ومنذ بداية عام 2024 بلغ العجز المالي 62.3 مليار شيكل (17 مليار دولار) مقارنة بفائض 6.6 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار) في الأشهر الستة الأولى من عام 2023.
الإنفاق الحكومي
وارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية العام فوق 300 مليار شيكل (81.72 مليار دولار)، بزيادة 34.2% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وترجع الزيادة الرئيسية في العجز إلى زيادة الإنفاق على الدفاع والوزارات المدنية جراء الحرب، وحتى مع استبعاد نفقات الحرب فإن الزيادة في الإنفاق الحكومي تبلغ نحو 9.3%، وذلك مقابل ارتفاع بنسبة 3.3% فقط في إيرادات الدولة التي بلغت منذ بداية العام نحو 238 مليار شيكل (64.83 مليار دولار)، مقارنة بـ230.4 مليار شيكل (62.76 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2023.
وتتوقع وزارة المالية أن يصل العجز إلى ذروته بحلول سبتمبر/أيلول المقبل قبل أن يتراجع.
توقعات النمو
وخفض بنك إسرائيل (المركزي) توقعات النمو للاقتصاد مع "مستوى مرتفع" من عدم اليقين الجيوسياسي، وسط توقعات بحرب مطولة وأشد وطأة مع المقاومة الفلسطينية، وزيادة خطر التصعيد مع حزب الله على الحدود الشمالية.
وقال محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، أمير يارون في مؤتمر صحفي خلال آب/أغسطس الجاري إن البنك "يفترض أن الحرب ستستمر بكثافة أعلى حتى نهاية عام 2024 وستنتهي في بداية عام 2025".
ورجح البنك أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5% في عام 2024 نزولا من توقعات سابقة في نيسان/أبريل الماضي كانت تشير إلى 2%، كما خفض توقعه للنمو في السنة المقبلة إلى 4.2% من 5% كانت متوقعة.
التصنيف الائتماني
وتصنف "ستاندرد آند بورز" إسرائيل عند "إيه+" بعد أن خفضتها من مستوى "إيه إيه-"، في حين تصنفها موديز عند "إيه2″، أي ما يعادل "إيه" على مقياس ستاندرد آند بورز، أما وكالة التصنيف الثالثة فيتش فتمنح إسرائيل تصنيف "إيه+".
وحذر مفوض الميزانيات في وزارة المالية، يوغيف غرادوس، وزير المالية، بتسليئيل سموتريتش، مؤخرا من التأجيل المتكرر للمناقشات بشأن موازنة عام 2025، مشيرا إلى أنه قد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، مما سيزيد تكلفة جمع الديون وسيزيد الضغط على الموازنة في السنوات المقبلة.
ووفقا للجدول الزمني الرسمي، فإن الجولة التالية من إعلانات التصنيف الائتماني لإسرائيل من وكالتي موديز وستاندرد آند بورز ستكون في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
الفائدة
وأبقى بنك إسرائيل خلال الشهر الجاري الفائدة من دون تغيير عند 4.50%، وذلك للاجتماع الرابع على التوالي، محتفظا بسياسته الحذرة بسبب الحرب.
وكان البنك خفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس في كانون الثاني/يناير بعد تراجع التضخم وتضرر النمو الاقتصادي بسبب الحرب، لكنه أبقى السياسة دون تغيير بعد ذلك.
وقال البنك المركزي إنه نظرا لاستمرار الحرب فإن التركيز لا يزال على تحقيق الاستقرار في الأسواق وتقليل الضبابية، بالإضافة إلى استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي. وأضاف "سيتحدد مسار سعر الفائدة وفقا لمدى اقتراب التضخم إلى هدفه، واستمرار الاستقرار في الأسواق المالية والنشاط الاقتصادي والسياسة المالية".
الشركات
من المتوقع أن تغلق 60 ألف شركة خلال السنة الحالية، حسبما نقلت تقارير عن شركة المعلومات التجارية "كوفيس بي دي آي".
وجاء التوقع بعد 9 أشهر من اندلاع الحرب على قطاع غزة، إذ تضررت عشرات آلاف الشركات بسبب ارتفاع الفائدة وتكلفة التمويل، ونقص القوى العاملة، والانخفاض الحاد في حجم الأعمال والعمليات، وتعطل الخدمات اللوجستية والإمدادات، وعدم كفاية المساعدة الحكومية.
وبالمقارنة، اضطر عدد قياسي بلغ 76 ألف شركة إلى الإغلاق خلال جائحة كورونا عام 2020، في حين يتم إغلاق نحو 40 ألف شركة سنويا في العادة.
وقال يوئيل أمير، الرئيس التنفيذي لشركة "كوفيس بي دي آي": "لا قطاع في الاقتصاد محصن ضد تداعيات الحرب المستمرة، تتعامل الشركات مع واقع معقد للغاية: الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاء القتال والتحديات المستمرة مثل نقص الموظفين، وانخفاض الطلب، وتزايد احتياجات التمويل، وزيادة تكاليف المشتريات والمشكلات اللوجستية".
ونحو 77% من الشركات التي اضطرت إلى الإغلاق منذ بداية الحرب - والتي تشكل نحو 35 ألف مؤسسة - هي شركات صغيرة تضم ما يصل إلى 5 موظفين، وهي الأكثر ضعفا في الاقتصاد، إذ إن لديها احتياجات تمويلية أكثر إلحاحا في الوقت الذي تضررت فيه عملياتها بشدة، وتجد صعوبة في جمع الأموال.
وانخفضت الأموال التي جمعتها الشركات الإسرائيلية في بداية عام 2023 حين كان الاقتصاد يعاني من الانكماش العالمي وعدم اليقين السياسي محليا بفعل "الإصلاح القضائي" المقترح من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في حينه، ثم جاءت الحرب على غزة.