أخبارنا

أمير مخول

تحليل | عن استهداف أبناء وأحفاد إسماعيل هنية: الإنتقام لتعويق الصفقة

تشير العملية الى حالة الفوضى السائدة اسرائيليا على مستوى الحكومة وفقدان السيطرة وحتى الفلتان، وهي تعمق حالة التفكك والصدام الداخلي المتسارعة والتي تبدو غير قابلة للإيقاف
قصف السيارة التي كانت تقل أبناء إسماعيل هنية | مواقع التواصل

حالة من الاحتفالية رافقت غالبية الفضائيات ومحطات الإعلام الاسرائيلي في أعقاب استهداف الجيش الإسرائيلي لأبناء رئيس حماس الثلاثة، وثلاثة من احفاده، فكان من اعتبرها ملاحقة لقادة حماس وضربة موجعة. فيما على المستوى السياسي تسابق الوزراء والنواب من أقصى اليمين على الاحتفاء بالعملية وقد تصدرهم كلٌّ من  سموتريتش وبن غفير وغوتليب (من الليكود) في دعوة الى مواصلة سياسة الاستهداف واغتيال هنية ذاته.

توقف الإعلام الإسرائيلي وحصريا فضائية "كان" والقنال 14، عند رد اسماعيل هنية الأب الثاكل المتروي والهاديء والى تفكيك مضمونه، معتبرين ان ذلك يمثل التجلي للقساوة، وتأكيد "تفوق" الاسرائيليين الحضاري والأخلاقي على الفلسطينيين، الذين يزفّون الشهيد وفقا لفضائية "كان" بينما يبكي اليهود ابناءهم، والى التأكيد على قيمة الانسان اليهودي مقابل "انحطاط" الفلسطينيين.

اسرائيل اعتبرت ردّ الأب الثاكل المتروي والهاديء بأنه يمثل "القساوة" و"التفوّق الاسرائيلي الحضاري والأخلاقي" - هنية لحظة تلقيه النبأ | شاشة

عمّ التوتر والقلق الشديدين عائلات المحتجزين والأسرى الإسرائيليين في غزة معتبرين ان عملية الاغتيال تشكل تهديدًا لحياة أفراد عائلاتهم، فيما هاجم يئير غولان نائب رئيس الأركان السابق الخطوة وحذر من عواقبها لكونها سياسية، مشيرًا الى توقيتها االذي يساهم في التعطيل على صفقة تبادل وتهدئة. 

اتضح بعد وقت قصير من عملية التصفية أنها تمت دون علم قائد الأركان وقائد المنطقة الجنوبية، كما لم تتم إحاطة وزير الأمن بالموضوع، وتبين ان ضابطًا ميدانيًا برتبة عقيد هو من اتخذ القرار وأصدر تعليماته بالتنفيذ.

قراءة

تم الكشف مؤخرًا عن ان الجيش الإسرائيلي الذي تحوّل الى قوة احتلال في قطاع غزة، قد أقام عشرات القواعد العملياتية وأبراج الرقابة التي تستخدم منظومات الذكاء الاصطناعي الفتاك، كما تم الكشف عن "مناطق الإبادة" وهي مناطق ذات حدود وهمية يتمتع كل قائد عسكري ميداني باعتمادها لتصفية أي فلسطيني يدخلها دون ان يعلم بوجودها، ولا حاجة للعودة الى القيادات العليا العسكرية والسياسية لمصادقتها.

فعليًا، استخدم الضابط برتبة عقيد هذه الصلاحيات وتم تنفيذ العملية بواسطة طائرة مسيّرة، ليصدر بيان باسم الجيش والشاباك يؤكد الاستهداف رسميًا، ويشير الى اغتيال ابناء هنية وليس أحفاده، واعتبار أولاده "متورطين بالإرهاب الحمساوي".

شكلت ردود فعل تيار الصهيونية الدينية مؤشرا الى احتمالية ان الضابط المسؤول، والذي لم تكشف هويته، ينتمي الى هذا التيار ويعتبره مرجعية له، وهناك مسعى من قبل وزراء أقصى اليمين لنزع شرعية قيادة الأركان، وتعزيز مواقع الضباط المنتمين الى المستوطنين والصهيونية الدينية.

أبناء إسماعيل هنية الذي تم اغتيالهم بغارة اسرائيلية | مواقع التواصل

توقيت عملية التصفية الجماعية في أول ايام عيد الفطر، يضاف الى القصف الفتاك لمواقع سكانية عديدة، يؤكد على الطابع الانتقامي الرسمي، كما يندرج في الدعوات المكثفة التي صدرت في حينه عشية بدء شهر رمضان الى تنغيص فرحة العيد انتقامًا من "خطف الفلسطينيين لعيد فرحة التوراة اليهودي يوم 7 أكتوبر". 

تأتي هذه العملية والتي كان من الممكن توقع تداعياتها مسبقًا، في مسعى للتأثير على مسار الأمور في كل ما يتعلق بمصير الحرب وبالصفقة، وبأن مردودها السياسي هو السعي لدفع الطرف الفلسطيني الى رفض مقترح الصفقة والهدنة وتحميله كامل المسؤولية عن ذلك سواء أمام الرأي العام الإسرائيلي وإسكات عائلات المحتجزين وحركة الإحتجاج، أو المواقف الدولية نحو خلق تبرير للدفع نحو اجتياح رفح، والى استدامة الحرب وتوسيع رقعتها لتشمل الجبهة الشمالية وإيران وتوريط الولايات المتحدة فيها، بما يتماشى مع غايات استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية.

للخلاصة

تشير حيثيات العملية الى طابعها الانتقامي سواء من الفلسطينيين، أم من الحراك الشعبي لإسقاط الحكومة ولاستبعاد صفقة تبادل وهدنة.

وتؤكد العملية مدى نفوذ التيار الصهيو-ديني داخل الجيش والمؤسسة الأمنية ضمن مسعى هذا التيار بعيد الامد للسيطرة على منظومات الدولة وعلى الحكم. كما توضح بأن الصراعات التي بدأت قبل الحرب حول تغيير الطابع الدستوري للدولة، والتي وقف في محورها احزاب الائتلاف مقابل المعارضة المسنودة بالحراك الشعبي، وانتقالها بعد الحرب الى صراع بين المنظومات، تحوّل الى صراع حول ادارة الحرب، في مسعي المستوى السياسي لتحميل المستوى العسكري كامل المسؤولية حول اخفاق 7 اكتوبر.

في حين أن الوضع الحالي يشهد اختراق الصراعات السياسية والعقائدية الصدامية للمنظومة الأمنية وفي الجيش حصريا، مما يجعل عقيدة "جيش الشعب" في تحدٍّ غير مسبوق نحو نهايتها. كما تشكل العملية تعاظم الروح الانقلابية داخل الجيش وخارجه ضد قيادة الأركان وهذا ما يُفقده اللحمة التي تشكل احد اهم أسس عقيدته الصهيونية، وينعكس على الردع والقدرات بشكل مباشر.

تشير العملية الى حالة الفوضى السائدة اسرائيليا على مستوى الحكومة وفقدان السيطرة وحتى الفلتان، والى ان اخفاقات الحرب على غزة، تتحول الى تعميق الصراعات داخل المنظومة الاسرائيلية والى ان حالة التفكك والصدام الداخلي المتسارعة تبدو غير قابلة للإيقاف.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

مؤتمر المبادرة الاجتماعية الثالث: التمكين...

2024/11/05 16:34

بيان: اعتداء وحشي على الزعيم الوطني مروان...

2024/10/27 21:33

شروط الجيش لوقف الحرب مع حزب الله

2024/10/14 13:58

طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران؛ "الفجوات...

2024/10/11 10:05

مقتل 3 جنود في تفجير عبوة ناسفة شمال القطاع

2024/10/10 20:48