رأي

أمير مخول

هل ستنطلق حملة احتجاج اسرائيلية لوقف الحرب؟

الثمن الباهظ بشريًا واقتصاديًا واجتماعيًا بدأ يلقي بظلاله. ومرحلة التشكيك بحسم الحرب بدأت. وكما الحال بالنسبة الى رفض السكان العودة الى البلدات الحدودية في الجبهتين الجنوبية والشمالية، فإن قضية الاسرى المحتجزين باتت عاملاً في تفكّك "العقد الاجتماعي"
تصوير: طاقم عائلات المختطفين

تقدير موقف  

تتراكم أثمان الحرب بشكل متسارع؛ واسرائيل تتقدم عسكريا وفقا لتصريحاتها، في حين يتعاظم الثمن البشري، وبينما يؤكد وزير الأمن غالانت وقادة الجيش وجود مؤشرات لانكسار حماس ولحسم المعركة وليس لنهايتها، تظهر ولأول مرة وبشكل صادم للمجتمع الاسرائيلي حقيقة الافصاح عن حجم الخسائر البشرية المتمثلة بعدد الجرحى من الجنود ودرجات الاصابات. 

تتصدر هذه المسألة جدول الاعمال الاسرائيلي بالتزامن مع ما رشح عن مصادر امريكية رفيعة أكدتها وكالة أكسيوس عن توجيه امريكي لإسرائيل بوقف الحرب بنهاية العام الجاري وبأن نتنياهو (9/12) سيجمع الحكومة للبحث في احتمالية وقف إطلاق النار.

نقل جنود مصابين معارك غزة | اعلام الجيش

ونشر موقع واينت وصحيفة يديعوت احرونوت (9/12) ارقاما صادمة بشأن عدد الاصابات بين الجنود وقوات الأمن الاسرائيلية والذي بلغ خمسة آلاف، ووفقا لرئيسة قسم تأهيل المصابين في وزارة الامن فإنه "58% من الجنود الجرحى الذين يتم تحويلهم للعلاج في هذا القسم يعانون من اصابات بالغة في الايدي والارجل، بمن فيهم من سيتم بتر اطرافهم. مقابل 12% من الاصابات الداخلية في الطحال والكليتين وتمزق اوعية داخلية، في حين 7% من الاصابات نفسية. ووفقا لذات المصدر فإن 2,000 جندي وشرطي ومن قوات الأمن تم الاعتراف بهم رسميا كمعاقي قوات الأمن، وقد بلغ المعدل اليومي لعدد المصابين الذين يتم استيعابهم 60 مجندا. 

 ومساء السبت (9/12) تظاهر عشرات الآلاف من أنصار الحملة لإعادة الاسرى والمحتجزين الاسرائيليين في غزة، داعين الى اطلاق سراحهم ضمن صفقة تبادل فورية، معتبرين ان الحكومة قد فضلت تعميق الحرب البرية في غزة وعلى حساب المخاطرة المباشرة بحياة المحتجزين الاسرائيليين، والذين نشرت صحف نهاية الاسبوع اعترافات وشهادات ممن تحرروا في صفقات التبادل الاخيرة، أكدوا فيها ان حياتهم كانت في خطر داهم تحت وابل القصف الاسرائيلي.

بموازاة العائلات والحراك الشعبي المساند فقد صرّح عدد من كبار القادة العسكريين والامنيين السابقين عن تقديراتهم امام القنال 12 الاسرائيلية (9/12/23) بأن الحكومة الاسرائيلية قد حسمت امرها لصالح الاتجاه الذي يدفع به وزير الأمن غالانت والذي قرر اعطاء الأولوية لتعميق الحرب وتوسيعها في غزة وعلى حساب تراجع أولوية اعادة الاسرى والمحتجزين من غزة. 

"حراك شعبي مساعد" | تصوير: طاقم عائلات المختطفين

وبالمقابل حذر الجنرال عاموس غلعاد رئيس الدائرة الامنية في وزارة الأمن سابقا، من مساعي تحرير الاسرى بالقوة العسكرية العملياتية ويؤكد "لسنا في عنتيبي" (في اشارة الى مطار العاصمة الاوغندية حيث تمت عملية تحرير رهائن من طائرة مخطوفة في العام 1976) وقد تتعقد الأمور في هكذا عمليات، في حين قال دان هارئيل قائد المنطقة الجنوبية سابقا أن قضية الرهائن والاسرى تراجعت الى مستوى متدن في الاولويات، واضاف الى ان كل التصريحات الاسرائيلية قائمة على اللاءات لما لا تريده اسرائيل، ولا توجد استراتيجية "ماذا نريد"، في حين يضغط البيت الابيض لاستشراف الوضع لليوم التالي للحرب.

واعتبر رئيس الموساد السابق تمير باردو بأن من واجب الحكومة ان تحسم بأن اولويتها هي تحرير الاسرى والرهائن ولا يمكن الا بصفقة تبادل. واعتبر باردو انه لا يمكن الجمع بين هدفين متنافرين وهما استمرار الحرب وتعميقها من اجل تقويض حماس وتحرير الاسرى، واقترح ان تقر الحكومة ان مسؤوليتها هي التوجه الى حماس ومن خلال الاطراف العربية والدولية وتعرض صفقة شاملة لتبادل الاسرى وحتى ولو كان الثمن وقف الحرب. فالهدف وفقا الى باردو هو اعادة المحتجزين الـ137 احياء واعادة سكان البلدات الحدودية جنوبا وشمالا والذين نزحوا بأمر حكومي، وبالإمكان لاحقا تصفية الحساب مع حماس. وحذر من تراجع قدرة الولايات المتحدة على المناورة مطولا بحيث باتت هي الدولة الوحيدة مع اسرائيل والمدانة في جلسة مجلس الامن (8/12) حتى ولو غير رسميا، بينما غيرت معظم الدول الغربية من سياساتها.

الى جانب كل هذا بدأت الحكومة في مساعيها لإعادة استيعاب العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية والبالغ عددهم نحو 130 ألفا في المرافق التشغيلية في مجالي البناء والزراعة اللذين كانا من اكثر الموافق تضررا خلال الحرب.

قراءة:

رغم ان التوافق الاسرائيلي على الحرب على غزة لم يكن يوما متماسكا، فإنه يواجه تراجعا وتصدعات تجعل الموقف من الحكومة قائم على نزع الثقة الشعبية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية وادارة الحرب، والغضب الشعبي الهائل بشأن الاسرى المحتجزين في غزة، والذين باتت قضيتهم مهمشة على جدول اعمال الحكومة باستثناء موقف حزب المعسكر الرسمي.

"بدات مرحلة التشكيك بالقدرة على حسم الحرب"

 وفي عدم توافق بشأن اهدافها وبشأن اليوم التالي للحرب. ويمكن القول ان الاحتجاج الشعبي بشأن الاسرى المحتجزين قد خرج عن سيطرة الحكومة والشرطة واجراءات الطوارئ، نظرا لحالة اليأس الشعبي من تقدم الحكومة في هذه المسألة.

كما الحال بالنسبة الى رفض السكان العودة الى البلدات الحدودية في الجبهتين الجنوبية والشمالية، فإن قضية الاسرى المحتجزين هي ابعد من مسألة تبادل أسرى عادية، بل ونتيجة لإخفاق 7 اكتوبر فقد باتت عاملا في التفتيت المجتمعي وتفكّك "العقد الاجتماعي"، اي تفكّك في اركان المشروع والقيم الصهيونية القائمة في هذا السياق على ان الاستيطان على المناطق الحدودية هو الضمانة للحدود الامنية لإسرائيل وبأن اسرائيل لم تعد البيت الآمن لليهود اينما تواجدوا.

لم تظهر لحد الآن اية حركة احتجاج شعبي اسرائيلي على استمرار الحرب، الا ان الثمن الباهظ بشريا واقتصاديا واجتماعيا بدأ يلقي بظلاله، ومن شأنه ان يجد في الجدل الامريكي بشأن تقلص المهلة الزمنية امام حكومة نتنياهو، دافعا للانطلاق الشعبي من حالة غضب الى حالة احتجاج شعبي سياسي ومن دون اكتراث حاليا بمصير قضية فلسطين.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

ماذا وراء الرصيف العائم في غزة؟!

2024/05/07 16:03

الهجوم على المقر.. والدعوة إلى الحوار

2024/04/27 18:34

بداية التغيير في القيادة الأمنية...

2024/04/26 12:08

اجتماع السبعة: خطاب الاستعداء؛ اجتماع...

2024/04/22 18:52

أين يذهب التحليل الآن؟

2024/04/20 10:06