تاريخ 5 حزيران من العام 1967، شكل بداية لمرحلة جديدة من الوجع الفلسطيني. حيث شنت إسرائيل في هذا اليوم حرباً مباغتة ضد الدول العربية وألحقت بها هزيمة كبرى قاصمة لجيوشها وقدراتها العسكرية. إندلعت الشرارة الأولى للعدوان، بعد شن الطيران الإسرائيلي لهجوم مباغت على قواعد الطيران المصري، تلاها عدوان مشابه على سوريا والأردن استمر ستة أيام، ونتج عن تلك الحرب احتلال إسرائيل لباقي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة لشبه جزيرة سيناء المصرية، ومرتفعات الجولان السورية. كانت إسرائيل تخطط للعدوان في محاولة لتحقيق بعض الإنجازات التي فشلت بتحقيقها بعدوان عام 1956، فاستغلت بعض الاحداث التي جرت بالمنطقة كحجج معلنة لشن العدوان، ومنها تعزيز مكانة مصر تحت قيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي شكل مشروعه القومي الناشئ، تهديدا للمشروع الصهيوني، بالإضافة لنشاط سوريا ضد المستعمرات الإسرائيلية في شمال فلسطين. كما تذرعت اسرائيل بقرار مؤتمر القمة العربية 1964 في القاهرة الذي أقر تحويل مياه نهر الأردن في كل من سوريا ولبنان، واعتبرته اعتداء عليها. هذا بالإضافة للخطورة التي راتها إسرائيل بتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965. وقيامها بأعمال فدائية وعسكرية ضد اهداف إسرائيلية. كما رأت بقرار مصر أغلاق مضيق تيران قبالة خليج العقبة أمام السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي والسفن التي تحمل معدات حربية لإسرائيل، والتي تلاها اعلان اتفاقية الدفاع المشترك الثلاثية بين مصر والأردن وسوريا. وفي تشرين ثاني لعام 1967، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، القرار 242، والذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران من ذات العام، لكنّ إسرائيل لم تطبق هذا القرار حتى اليوم، في سلوك واضح وصريح ينتهك القانون الدولي والشرعية الدولية". يرى المحللون العسكريون ان نجاح إسرائيل بتحقيق هذا الانتصار يعود لأسباب عدة منها ضعف المنظومة العسكرية التي امتلكها الدول العربية حينها، وعدم استعدادها للحرب، ونقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف الجيوش العربية التي دخلت الحرب في ظل غياب الخطط العسكرية الحربية الموحدة، ووجود خلافات جدية بين القيادة العربية، وغياب إرادة القتال لدى غالبيتها. وبالمقابل فقد خاضت إسرائيل الحرب بغطاء ودعم اقتصادي وعسكري ومساندة مباشرة من الولايات المتحدة، ودعم وانحياز أوروبي، إضافة لامتلاك إسرائيل واستغلالها لعنصر المباغتة واستخدام لعنصر المفاجأة في ضرب القوات العربية، في ظل تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة، وخاصة سلاح الطيران الذي سيطرت به إسرائيل، بوقت مبكر من الحرب، على الغالبية العظمى من ميادين القتال في جبهات مختلفة. شكلت نتائج الحرب وفرض الاحتلال الإسرائيلي على كافة التراب الفلسطيني، نتيجة مدمرة على القضية والشعب الفلسطيني، اذ فتحت الباب أمام بداية مرحلة جديدة، صار بالإمكان التفاوض والتنازل فيها عن الجزء الذي تم احتلاله بعد النكبة عام 1948، بالإضافة لفتح الباب امام تحقيق الحلم الصهيوني القديم بالاستيطان وبناء المستعمرات الإسرائيلية أيضا في المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في الضفة الغربية وغزة والجولان، ومثلت بداية لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى التي تنكر الحقوق الوطنية الفلسطينية ولا تعترف بأي حق للشعب الفلسطيني في فلسطين! وحتى اليوم ما زالت إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل القوانين الدولية والمطالب العربية، فارضة غطرستها بالقوة وفرض الامر الواقع ومدعومة من الادارة الأمريكية وغياب الإرادة السياسية العالمية لتحقيق الحقوق الفلسطينية وتطبيق الشرعية الدولة وتطرح اليوم مشروعها القاضي بضم الاغوار المحتلة وتطبيق السيادة الاسرائيلية عليه وعلى مستعمراتها في الضفة الغربية.