من قال بأن اللاجئ لا يرى قريته بعد فراقها، انه يراها بقلبه قبل عينه وتكاد تفاصيلها لا تفارق مناماته، أحداث مضى عليها اثنان وسبعون عاما ولازالت تذكر كأنها تحدث الآن. انها نكبة فلسطين، تلك النار التي أحرقت جيل بأكمله، ولهيبها يصيب أجيال متتالية، كأزقة المخيم هذه متراصة متقاربة لايمكنك ان تستأصل بيت منها دون ان تؤذى ماحوله. في الرابع عشر من مايو أيار عام ثمانية وأربعين، جاء اعلان قيام دولة اسرائيل بالتزامن مع انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين، وفي اليوم التالي، أعلن الفلسطينيون نكبتهم، وخلال النكبة سيطرت اسرائيل على مايزيد عن ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية، ونفذت عصاباتها أكثر من سبعين مذبحة ومجزرة، أدت الى استشهاد أكثر من خمسة عشرة ألف فلسطيني، واقتلعت مايزيد عن ثمانمئة ألف آخرين من أرضهم. بحجم الدم الذي سال وبعدد الارواح التي ازهقت، ستبقى احداث النكبة حاضرة في الوجدان عصية على النسيان، ليسجل التاريخ بلون الدم ان العودة حق لن يضيع مادام وراءه مطالبون.