رأي

د. أحمد رفيق عوض

المطلوب أن تقبل الاحتلال وتحيا في ظله

إسرائيل، بعد 74 سنة من قيامها، لا تزال في المربع الأول. والموقف الغربي الأمريكي والأوروبي يعطي اسرائيل كل ما تريده من أجل استغلال الظرف الى أقصى حد لاجبار الفلسطينيين على رفع الراية البيضاء
وزير الخارجية الأمريكي في اسرائيل، اليوم | تصوير: مكتب الاعلام الحكومي

الدعم الأمريكي الأوروبي غير المسبوق ايضًا، بكل ما يحمل من غباء وعناد وعنجهية، وتبنّي كامل للرواية الإسرائيلية، يكشف الكثير من الحقائق التي رغبنا ان نتناساها مثل ان اسرائيل هي جزء من مشروع غربي كبير يهدف الى السيطرة والاخضاع، وان التضامن الدولي يسقط في اللحظة التي يتم فيها الحاق الأذى بالاحتلال الإسرائيلي، وان الهدف هو ان تبقى اسرائيل الأقوى في المنطقة، وانها البوابة الأولى والأخيرة للدخول الى قلب الغرب ونيل الرضى.

موقف الغرب الأمريكي والأوروبي يوم السبت الماضي كشف عن كل أنيابه وأظافره وكل أسلحته العسكرية والمالية، ليعاقب الشعب الفلسطيني وكل المنطقة، بعد ان تكشّف لهذا الغرب الاستعماري ان الكيان الذي انفقت عليه مليارات الدولارات وتحملت من أجله الانتقادات وحمته من المحاسبة والعقاب، يغرق في أقل من شبر ماء أمام تنظيم عسكري لا يملك جزءً من مليون جزء مما تمتلكه اسرائيل من أسلحة وتكنولوجيا.

قصف يومي في غزة

وأرى ان هذا الموقف الغربي الأمريكي والأوروبي بهذا العري اعطى اسرائيل كل ما تريده من أجل استغلال الظرف الى أقصى حد لاجبار الفلسطينيين على رفع الراية البيضاء، وتخفيض السقف السياسي الفلسطيني الى أقل درجة ممكنة. بكلمات أخرى، فان اسرائيل مستغلة الظرف الحالي من دعم امريكي وأوروبي ومن تجنّد الاعلام الغربي برواية السردية الاسرائيلية ومن ضعف العالم العربي، فانها ستعمل على فرض التسوية بشروطها التي لا ترى في الفلسطيني سوى عامل أو مهاجر أو إرهابي.

الدعم الأوروبي الأمريكي غير المسبوق والمكشوف بهذه الطريقة يقول للشعب الفلسطيني بصورة أو بأخرى ان عليك ان تتكيف مع الاحتلال وترضى به وتحيا تحت شروطه وان لا تطالب بدولة حقيقية أو سيادة أو قدس أوعودة أو كل ما تدّعيه من حقوق.

الدعم الأوروبي الأمريكي الذي لا يتوقف على الدعم العسكري بل شمل الدعم السياسي والمعنوي تبنّى بشكل لا لبس فيه الموقف الاسرائيلي ولم يكلف نفسه ان يلتفت الى المعاناة الفلسطينية أو المطالب الفلسطينية، وهو ما يؤكد كذب كل المواقف السابقة التي كانت تبدو وكأنها متفهمة للهم الفلسطيني.

دمار كبير في غزة

الدعم الأوروبي الأمريكي الذي منح اسرائيل كل الدعم من أجل شطب غزة عن الجغرافيا والديموغرافيا  اذا استطاعت، تريد من وراء ذلك تقديم "بروفة" للإقليم العربي عن قدرتها التدميرية وعن عمق ارتباطها بالغرب الاستعماري، وهو يبدو ذات الهدف الذي سعى الغرب الأمريكي والأوروبي تقديمه لكل المنطقة بكل ما فيها من معتدلين وغير معتدلين.

أخيرًا، بعد 74 سنة من قيام إسرائيل، فهي ما تزال في المربع الأول، كيان لم يستطع ان يحصل على الاستقرار ولا الأمن ولا الصورة الاخلاقية اللائقة، كيان ما يزال يسلّح جمهوره، كيان ما يزال بحاجة الى جهات خارجية لحمايته، كيان لم يستطع ان يصل الى صياغات سياسية واجتماعية تكفي لانسجامه الداخلي، كيان معاد لابناء المنطقة، وهو لغبائه وعناده يعتقد ان القوة والعنجهية والغباء قادرة على ان تجعله يحصل على كل ما يريد من ارض وأمن و سلام وهيمنة وسيطرة وقدرة على القتل والتدمير، حتى الامبراطوريات الكبرى لم تحصل على كل هذا ولا حتى نصفه أو ربعه.. انتهى القول.

bar_chart_4_bars مقالات متعلقة

عن تصريحات خليل الحية؛ كأننا إزاء "حماس"...

2024/05/15 15:48

رفح... حافّة لكل شيء

2024/05/14 03:28

لماذا عجز اشقاؤنا العرب عن إنقاذنا حتى...

2024/05/14 02:53

على وقع عملية رفح وموقف واشنطن: طريق...

2024/05/12 10:34

ماذا وراء الرصيف العائم في غزة؟!

2024/05/07 16:03